هل صادفت طفلاً كثير الحركة بشكل مُلفت؟! وكأنّه نحلةٌ طنّانة تُحلّق بلا كلل؟! فيصعد فوق قطع الأثاث، أو يهّز رجليه وهو جالس دون توّقف. وربما، قد يُصاحب ذلك تسرُّعه واندفاعه، أو تشتت ذهنه وانتباهه لأقل مُثير. 
إن رأيتَ ذلك.. فتوّقف!
لا تحكم على الطفل فورًا بأنه مُشاغب، ويتعمّد إحداث فوضى؛ فقد يكون مُصابًا باضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه (ADHD). ولأنّ شهر أكتوبر هو شهر التوعية بهذا الاضطراب، ارتأينا تخصيص هذه المساحة للحديث ولو قليلاً عنه.
(ADHD) هو اختصار للمسمى Attention Deficit Hyperactivity Disorder. والاسم الأصلي لهذا الاضطراب قد كان "اضطراب الاندفاع الحركي"، ولم يُصّنف ضمن الاضطرابات النفسية حتى نهاية الستينات من القرن الماضي؛ حيث أدرجته رابطة علم النفس الأمريكية للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية. 
ADHD يكون على ثلاثة أشكال
١- نوع يغلب فيه فرط النشاط- الاندفاعية، فنرى الطفل يتحرك بشكل مُلفت، كأن يتسّلق في مواقف غير مناسبة، غالبًا ما يترك مقعده في الحالات التي يجب فيها أن يلازم مكانه، غالبًا ما تكون لديه صعوبات في الانخراط بهدوء في الأنشطة، غالبًا ما يتحدّث بشكل مفرط، غالبًا ما يجيب عن الأسئلة قبل اكتمالها، غالبًا ما يجد صعوبة في انتظار دوره، وغيرها.
٢- نوع يغلب فيه عدم الانتباه، وفي هذا النوع غالبًا ما يخفق الطفل في إعارة الانتباه للتفاصيل أو يرتكب أخطاء دون مبالاة، غالبًا ما يبدو غير مُصغٍ عند توجيه الكلام إليه، غالبًا ما يتشتت انتباهه لأقل مثير، غالبًا ما تكون لديه صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة ولا يتمكن من إنهاء ما يوكل إليه، وغيرها من الأعراض.
٣- أما النوع الثالث فيجمع بين تشتت الانتباه وفرط النشاط.
والجدير بالذكر، أنّه لتشخيص الطفل بهذا الاضطراب يجب أن تظهر لديه ستة من الأعراض على الأقل في عمر أقل من ٧ سنوات، وتستمر لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وتظهر في بيئتين مختلفتين أو أكثر ( على سبيل المثال المنزل والمدرسة) . أسباب الاضطراب لا زالت مبهمة، فربما تعود الإصابة به لأسباب جينية، أو بيئية. ويمكن التقليل من أعراضه عن طريق برامج العلاج السلوكي، والعلاج الغذائي كتجنّب الأطعمة التي تحتوي على ألوان صناعية أو مواد حافظة كالأطعمة الجاهزة والمعلبة والحلويات. وكذلك يمكن اللجوء للعلاج الدوائي في الحالات الشديدة، وأبرز الأدوية وأكثرها شيوعًا لهذا الاضطراب الريتالين والدكسترين.
ومما يجب الالتفات له هُنا، أنّه قد تتشابه أعراض اضطراب فرط النشاط وتشتت الانتباه مع أعراض اضطراب طيف التوّحد، ولعّل الفارق الكبير هو أنّ ذوي اضطراب ADHD يتشتت انتباههم بسرعة ويبدو عليهم الملل، وغالبًا لا ينهون النشاط الذي يقومون به، بينما ذوي اضطراب طيف التوّحد لديهم سلوكيات نمطية ويميلون لتكرار نفس النشاط دون ملل، ناهيك عن أن التوّحديين يعانون غالبًا من تأخر في النطق، بينما معظم المصابين بفرط النشاط ليست لديهم مشكلات في النطق. 
عزيزي ولي الأمر.. عزيزي المُرّبي..انتظر.. قبل أن تحكم على الطفل، ولا تنسَ أنّ سلوكياته ليست ،  عناداً، بل هناك ما يدفعه للحركة وكأنّه مزوّدٌ بمُحرّك يأبى الهدوء.فكُن معه، وخذ بيده،  ولعّل بعض ملامح ADHD قد غدت واضحة، وتجلّت أهم تفاصيله بوضعه أمامكم تحت المجهر.